عربيعربي
واقع الأطفال غير المصحوبين أثناء حرب الإبادة على قطاع غزة

واقع الأطفال غير المصحوبين أثناء حرب الإبادة على قطاع غزة

المقدمة 

أحد أهم الأثار التي تخلقها حالات الحروب والنزاعات المسلحة ظاهرة النزوح الداخلي، لا سيما التي حدثت خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، حيث نتج عن الأخيرة الكثير من الأزمات الإنسانية التي أثرت بشكل بالغ على حياة المدنيين عامةً وعلى فئة الأطفال خاصة، وواحدة من أهم هذه الأزمات التي خلقتها حالة الحرب وما تبعها من حركة نزوح داخلي هي ظاهرة الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم أو الأطفال الفاقدين عن ذويهم، هذه الفئة من بين أكثر فئات المجتمع مأساوية في أوقات النزاع المسلح بحيث يواجهون هؤلاء الأطفال معاناة شديدة وتهديدات متعددة، من أبرزها فقدان الحماية والرعاية بالإضافة الى زيادة احتمالات تعرضهم للاستغلال لأنهم فئة أضعف من إعالة أنفسهم أو حماية أنفسهم، لذلك كان يجب أن يتم تطبيق الحقوق التي نظمتها القوانين والتشريعات، بالإضافة الى الاتفاقيات التي نصت  وأقرت حقوق الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم، ومن ثم تطبيق آليات الحماية الفاعلة للحد من المعاناة والمخاطر التي يعاني منها الأطفال، لاسيما خلال حرب الإبادة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي منذ تاريخ 7 أكتوبر 2023، حيث تزايدت أعداد الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم خلال هذه الحرب.

من هم الأطفال غير المصحوبين أو المنفصلين عن ذويهم:

تنقسم هذه الفئة من الأطفال الى عدة فئات منها: الأطفال غير المصحوبين: ويطُلق عليهم أيضاً بالقصر غير المصحوبين كما وصفتهم المادة (1) من لجنة حقوق الطفل"،وهم الأطفال دون سن الرشد والمنفصلين عن كلا الأبوين وعن أقربائهم الأخرين والذين لا يقوم على رعايتهم راشد مسؤول بحكم القانون أو العرف عن القيام بذلك"، أما الأطفال المنفصلين عن ذويهم فقد عرفتهم ذات المادة بأنهم" الأطفال المنفصلون عن كلا الأبوين أو عن الشخص الذي كان مسؤولاً من قبل عن رعايتهم الأولية سواء بموجب القانون أو العرف ولكن دون أن يكونوا بالضرورة منفصلين عن أقربائهم"، وغالبا ما يكون سبب انفصالهم عن ذوييهم بسبب الهجرة أو حركة النزوح الاجباري من مكان الى أخر بدون صحبة ذويهم، بالإضافة الى الأطفال الفاقدين لذويهم(أيتام الحرب) وهم الأطفال الذين فقدوا والديهم بسبب الحرب أو النزاع المسلح. 

تقارير واحصائيات

في ظل هذه الفترة الرمادية التي يشهدها قطاع غزة أثناء العدوان الإسرائيلي، فإنه من الصعب الحصول على احصائيات دقيقة فيما يتعلق بالأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم، ومع ذلك فقد حاولت الجهات الرسمية والمؤسسات الفاعلة جمع العديد من الاحصائيات التي تعتبر جميعها احصائيات وأرقام تقديرية، وبحسب تقرير مصور أعدته اليونيسف بتاريخ (28/8/2024) قالت" منذ تشرين الأول/أكتوبر من عام (2023) وأطفال غزة يعيشون تحت تهديد مستمر، وحياتهم عبارة عن سلسلة من الاضطرابات، وقد أُضطر ما لا يقل عن (19) ألف طفل وطفلة على تدبير أمورهم بأنفسهم، في ظل ظروف مروعة، بعد أن انفصلوا عن أهلهم أو من يقدم الرعاية لهم"، ووفقًا لتقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، فإن ما لا يقل عن (17,000) طفل في قطاع غزة غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عنهم، مما يعادل (1%)من إجمالي عدد النازحين البالغ (1.7)مليون شخصunicef.org.

وبحسب تقرير أعدته منظمة أنقذوا الأطفال البريطانية بتاريخ (24/6/2024) قالت فيه" أنه من المستحيل جمع معلومات دقيقة والتحقق منها في ظل الظروف الحالية لقطاع غزة، ولكن هناك إحصائية تقدر بحوالي ما لا يقل عن (17) ألف طفل منفصلين عن ذويهم نتيجة الحرب على قطاع غزة، بالإضافة لذلك فإن هناك عدد غير معروف من الأطفال تم احتجازهم ونقلهم قسرا الى خارج غزة، ولا يعرف عائلاتهم مكان وجودهم وهم تحت سوء معاملة وتعذيب، حيث قال أخصائي حماية الطفل في منظمة أنقذوا الأطفال أن الوضع في غزة يتفاقم يوما بعد يوم للأطفال الذين فقدوا ذويهم أو تركوا بدون رعاية في ظل الأوضاع الحالية، وأضاف: "نعمل بالتعاون مع شركائنا المحليين لتحديد ومساعدة الأطفال غير المصحوبين بذويهم، ولكن لا يوجد مكان آمن لهؤلاء الأطفال في غزة".وأوضح أن العائلات التي استضافت الأطفال الوحيدين تعاني من صعوبات كبيرة في تلبية احتياجاتهم الأساسية مثل المأوى والطعام والماء".

من جانب آخر فقد بين تقرير أعدته منظمة الأونروا الخدمات التي قدمتها في الفترة بين (7) تشرين الأول (2023) وحتى (13) كانون الثاني (2025)، حيث قالت" قدم فريق العمل الاجتماعي في الأونروا خدمات لما مجموعه (204,359) نازحاً، بما في ذلك الإسعافات الأولية النفسية والدعم النفسي الاجتماعي والتداخلات الأسرية والفردية وإدارة الحالات. وخلال الفترة نفسها المشمولة بالتقرير، تم تقديم خدمات الحماية لما مجموعه (1,898) ناجية من العنف القائم على النوع الاجتماعي إضافة إلى (3,052) طفلا، بمن فيهم (1,494) طفلا غير مصحوب بذويه، حيث شملت هذه الخدمات جمع الشمل وتوفير المأوى الآمن والأدوية وأطقم مستلزمات الكرامة والمواد غير الغذائية ".

الإطار الأول: واقع الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم منذ حرب (7) أكتوبر (2023).

منذ بدء العدوان الإسرائيلي بتاريخ (7) أكتوبر (2023) على قطاع غزة والأطفال يعانون الكثير من التحديات التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي عليهم، وكان للأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم النصيب الأكبر من هذه التحديات لأنهم في وضع يجعل منهم الفئة الأضعف من بين فئات المجتمع لمواجهة تلك التحديات التي فُرضت عليهم بسبب أن الاحتلال الإسرائيلي ضرب في عرض الحائط جميع المواثيق والاتفاقيات الدولية الناظمة لحقوق الأطفال، ولم يلتزم بأحد منها قط، بل ومارس جميع السياسات الاجرامية من القتل والاعتداء والعنف بالإضافة إلى سياسية التجويع التي طالت الكبير والصغير من المدنيين والعزل في قطاع غزة، لم يكتفى بذلك فقد خلّف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة من تاريخ (7) أكتوبر إلى تاريخه عددًا كبيرًا من الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم، ويرجع سبب ذلك إلى حالة النزوح الداخلي التي حصلت بسبب السياسية الإجبارية التي انتهجها الاحتلال الإسرائيلي في طرد وتهجير الفلسطينيين الآمنين والعزل من منازل سكناهم في شمال القطاع واجبارهم بالنزوح إلى جنوبه بعد قيامهم بفصل مناطق الشمال عن مناطق الجنوب وتمركزه في محور نيتساريم، وتشير الاحصائيات بأن هناك ما يقارب (1.9) مليون فلسطيني نزح من شمال قطاع غزة الي جنوبه، بالإضافة لذلك فقد قام الاحتلال الاسرائيلي بفصل مناطق الجنوب عن بعضها أيضاً كما فعل في مدينة رفح عندما هجر بشكل قسري نسبة كبيرة من سكانها تقدر ب (200) ألف شخص وأمرهم بالنزوح إلى المناطق الإنسانية كما يدعي، وهذا هو السبب الرئيسي لتزايد وتيرة عدد حالات انفصال الأبناء عن والديهم وهذا من جانب، أما من الجانب الآخر فقد خلف العدوان الإسرائيلي الكثير من الأطفال الذين فقدوا ذوييهم وأسرهم خلال هذه الفترة على نحو لم يتبقى من أسرهم أحد (أيتام الحرب)، حيث تشير الإحصائيات أنه ومنذ تشرين الأول/أكتوبر من عام (2023) ما لا يقل عن (17) ألف طفل وطفلة أصبحوا غير مصحوبين وفاقدين لذويهم في ظل الظروف المروعة التي تعرضت لها هذه الفئة من الأطفال بعدما انفصلوا عن أهلهم أو من يقدم لهم الرعاية أو فقدوا ذوييهم خلال فترة العدوان على غزة.

أولاً: الحقوق الخاصة المقررة للأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم:

نصت القوانين والاتفاقيات الدولية على حقوق الأطفال بشكل عام، وفي إطار تعزيز حماية الأطفال فقد نصت على حماية خاصة تشمل الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي ومن خلال حرب الإبادة مارس على أطفال قطاع غزة انتهاكات واقعة على هذه الحقوق المقررة لحمايتهم، ومن أهم الحقوق الخاصة بالأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذوييهم ما يلي:

  1. الحق في التواصل المنتظم مع الأهل: احدى أهم الحقوق التي نظمتها التشريعات الوطنية والدولية الحق في التواصل المنتظم والمستمر مع ذوي الطفل غير المصحوب كلما كان بالإمكان ذلك، وخصوصاً في أهم الأوقات هم بحاجة للتواصل مع ذويهم وتحديداً في حالات الحروب والنزاعات. 
  2. الحق في الحماية: نصت المواثيق الوطنية والمحلية على تأكيد حق الحماية للأطفال غير المصحوبين بذويهم تحديداً أوقات النزاعات والأزمات لأنهم بحاجة إلى حماية فورية وشاملة خلال هذه الأوقات، بما في ذلك الحماية من العنف بجميع أشكاله ومن الاستغلال هذا م نصت عليه المادة (19) من اتفاقية حقوق الطفل الدولية فإنها تلزم الدول الأطراف على التعاون الدولي بينهم لحماية الأطفال جميعهم بحيث تشمل هذه الحماية الدولية على اتخاذ كافة التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الأطفال من جميع أشكال العنف أو الإساءة سواء العنف النفسي أو العنف الجسدي أو الضرر أو الإهمال أو المعاملة السيئة أو الاستغلال بجميع أشكاله، بالإضافة لوضع خطة بين الدول الأطراف تتولى إجراءات فعالة لتوفير الدعم اللازم للطفل وللأشخاص للمتولين رعايته بالإضافة الى حمايتهم من التجنيد دون السن القانوني التي حددتها المواثيق الدولية وأهمها  البروتوكول الاختياري بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة بالإضافة لما نصته المادة ويأتي التأكيد على هذا الحق ضرورة ملحة لأن الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم أصحاب الفئة الأضعف وذلك سببه فقدان الأهل أو الأسرة فيكونون الضعف في حالة هو الأضعف فيها، وحسناً فعلت التشريعات في التأكيد على حق حماية الأشخاص غير المصحوبين لأنهم الفئة الأكثر حاجة للحماية، ونقصد هنا الحماية الشاملة التي يجب أن يحظى بها الأطفال.
  3. الحق في الرعاية البديلة: نصت التشريعات وتحديداً اتفاقية حقوق الطفل ومنه ما نصت عليه المادة (20/2) من الاتفاقية بحيث ألزمت الدول على توفير رعاية بديلة لهذه الأطفال، أما الفقرة الثالثة فقد نصت على أدوات هذه الرعاية البديلة ومنها الحضانة والكفالة أو التبني بالإضافة الى الإقامة في مؤسسات مناسبة لرعاية الأطفال، وذلك كنوع من التخفيف من حدة المعاناة التي يعانيها الأطفال غير المصحوبين أو المنفصلين عن ذويهم.
  4. الحق في التعليم والرعاية الصحية: نصت التشريعات وأهمها نص المادة (28) من اتفاقية حقوق الطفل على الحق في التعليم والمادة (24) التي نصت على حق الأطفال في الرعاية الصحية لا سيما الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم، بحيث يتمتع كل طفل غير مصحوب أو منفصل عن ذويه بحقه في التعليم والرعاية الصحية، ومن الجدير بالذكر أننا ذكرنا الحق في التعليم والرعاية الصحية من ضمن الحقوق الخاصة نظراً لأهمية الحفاظ على حق الطفل في التعليم والرعاية الصحية

ثانياً: الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال غير المصحوبين أو المنفصلين عن ذويهم منذ العدوان الأخير على قطاع غزة من تاريخ 7 أكتوبر:

إن الاحتلال الإسرائيلي ومن خلال عدوانه الأخير على قطاع غزة ارتكب الكثير من الانتهاكات الخاصة بحقوق الأطفال بشكل عام بالإضافة الى انتهاك الحقوق الخاصة بالأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم، ومن أهم هذه الانتهاكات ما وقعت على أهم الحقوق التي اعتبرتها القوانين والمواثيق الدولية الدرع الحامي لهذه الفئة من الأطفال:

  1. انتهاك للحق في تواصل الأطفال مع ذويهم وفقدانهم للحماية الأسرية : انتهك الاحتلال الإسرائيلي حق الأطفال غير المصحوبين في التواصل مع أسرهم والذي نصت عليه القوانين الدولية والمحلية ، حيث نصت المادة (21) من قانون حقوق الطفل (2004) والتي نظمت حق الطفل في الاحتفاظ بعلاقات شخصية واتصالات مباشرة مع والديه وبصورة منتظمة إذا ما كان منفصل عن والديه أو إحداهما في حالة كان بالإمكان اتصاله معهم، وذلك بسبب حالة النزوح الداخلي وفصل شمال القطاع عن جنوبه، والتي بدوره أدى الى تشتيت العائلات وفصل الأبناء عن والديهم وعليه نوصي المؤسسات صاحبة الاختصاص وتحديداً الصليب الأحمر العمل على لم شمل العائلات لاسيما بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة ابان وقف إطلاق النار الذي بدأ سرياه بتاريخ (19) يناير (2025).
  2. الإهمال والحرمان من الحماية والرعاية: فقد الأطفال غير المصحوبين أو الفاقدين لذويهم حقهم في الحماية التي نصت عليه الاتفاقيات والقوانين الدولية والمحلية وتحديداً نص المادة وذلك جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فقدان والديهم، أصبح هؤلاء الأطفال يواجهون حالة من الإهمال، حيث لم تتوفر لهم الرعاية الطبية أو النفسية الكافية، وفي كثير من الأحيان يضطر الأطفال للبقاء في ظروف غير آمنة، سواء في المخيمات أو في أماكن أخرى لا توفر الحماية لهم.
  3. انتهاك الحق في التعليم والرعاية الصحية: أدت اندلاع الحرب الى وقف العملية التعليمة في مناحي قطاع غزة منذ (7) أكتوبر(2023) وهذا ما أثر سلبياً على قطاع التعليم، وانتهاك الحق في التعليم لم يقف أما الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم فقط، بل شمل جميع من هم في مراحل دراسية وحالت حرب الإبادة بينهم وبين استكمال مسيرتهم التعليمة هذا من جانب، أما من جانب أخر وفيما يتعلق بالأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم فإنه وبسبب فقدانهم لأسرهم وبالتالي قلة الاهتمام بهم فإن فرصهم التعليمة أو البدائل التعليمة كما تلك التي ظهرت في مخيمات النزوح أو مراكز الايواء كانت أقل عما كان عليه أقرانهم الأطفال النازحين.
  4. تعرضهم الاستغلال الجنسي والعمالة القسرية: في ظل ضعف الحماية أو انعدامها أحياناً التي كان من الضروري أن يحظى بها الأطفال الذين يفقدون أسرهم أو ينفصلون عنهم فإنهم يصبحون عرضة لاستغلالهم في العمل القسري أو الاستغلال الجنسي، وهذه النتائج قد تأتي نتيجة للوضع الأمني السيء الذي يعاني منه المجتمع الغزي أثناء حرب الإبادة منذ (7) أكتوبر (2023).
  5. العنف النفسي: يتعرض الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم للعنف النفسي نتيجة لتعرض الأطفال غير المصحوبين لصدمات نفسية بسبب ما حدث معهم من أحداث مأساوية ، وفي مقابلة أجريناها مع الدكتورة نوال عسقول دكتورة في التنمية البشرية والطاقة والحيوية في قرية الوفاء للأيتام قالت" أعالج الأطفال في القرية بالإضافة إلى عملي خارج القرية وتكون عن طريق جلسات علاجية لإعادة التوازن الحيوي لأعضاء الجسم الداخلية بالإضافة لإعادة التوازن الحيوي لمسارات الوعي بالدماغ، وبعد حرب الإبادة وافتتاح القرية الخاصة بالأطفال الأيتام أصبحت نسبة كبيرة من الأطفال وتحديداً الأطفال الذين فقدوا جميع ذويهم بسبب الحرب لديهم ميول انتحارية عالية بالإضافة الى حالات السلوك العدواني والضياع والتشتت، أيضاً هناك حالات انكار للذات بشكل عالي جداً ، هذا ما كان نتيجة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ (7) اكتوبر (2023)، ازدادت حالات العنف النفسي بشكل كبير وواضح، أصبح الأطفال أكثر عدوانية، وتكمل حديثها بما يتعلق بالأمراض الجسدية التي ظهرت على جسد الأطفال وليس لها علاج طبي واضح وسببها غير معلوم، الدكتورة ترجح أن تكون هذه الأمراض سببها نفسي وهو طاقة الحزن بسبب الفقدان الذي تعرضت له هذه الأطفال خلال الحرب، وتضيف الدكتورة "الحالات التي عالجتهم قرابة (3000) طفل، منهم نسبة (90%) لديهم مشاكل يصعب لعلم النفس التعامل معها حسب ما وصفتها، وقرابة (15) إلى (20) بالمئة من الأطفال لديهم ميول انتحارية  بالإضافة الى ما وصفته في علم النفس هو الثنائية القطبية بحيث تقدر الدكتورة نسبتهم ب (40%) من هذه الأطفال لديهم الثنائية القطبية، والغالبية العظمى للأطفال لديهم سلوك عدواني وانطوائية مع سلوكيات غير سوية، وتوصف الدكتورة واقع الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم" نفسية الأطفال ما قبل الحرب على قطاع غزة، تختلف تماماً عن ما بعده"، تضيف الدكتورة بأنها تعالج الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم عن طريق جلسات دون الرجوع الى العقاقير الطبية التي تؤذي الأطفال والتي تسبب لهم ادمانها فيما بعد، وتضيف" نحن بحاجة إلى جيل صحي وسوي وواعي".
  1. العنف الجسدي: يتعرض الأطفال جميعهم لاسيما الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم بعد حرب الإبادة الأخير على قطاع غزة إلى جميع أشكال العنف وتحديداً العنف الجسدي، وذلك بسبب الهجمات الإسرائيلية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي التي تؤدي لقتل وجرح وتمزيق  وحرق في أجساد الأطفال، لم يراعي الاحتلال الإسرائيلي حق الأطفال في حماية جسدهم بل قام بقتلهم بل وتمزيق أجسادهم، الطفل يزن فتحي أبو دلال الذي بُتِرت قدماه جراء القصف الإسرائيلي على منزلنا، والذي بدوره أدى الى خروجه الى مصر للعلاج بدون مرافق بسب السياسات التي يتبعها الاحتلال من تفرق الأسر والعائلات، أصبح الطفل يزن البالغ من العمر (15) سنة غير مصحوب بذويه ويقول" أنا خرجت من غزة لكي أتعالج في مصر ، تمت إصابتي بتاريخ (11/11/2024) بسبب القصف الإسرائيلي على منزلنا بسببه بُترت قدماي، أنا حزين جداً لعدم وجود مرافق معي من أهلي، أنا بدي أرجع على غزة بدون أطراف مقابل أعيش مع أهلي في القطاع" .
  2. الانعزال الاجتماعي و فقدان الثقة في المجتمع:قد يشعر الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم تحديداً وبسبب حالتهم النفسية الصعبة نتيجة لفقدان أسرهم بالوحدة والانعزال، وخلق مشاعر فقدان الأمان لاسيما أوقات العدوان بحيث ويصبحون غير قادرين على بناء علاقات اجتماعية صحية على نحو يفقدهم الثقة في المجتمع مما يعرضهم لمشاكل نفسية مزمنة مثل الاكتئاب أو اضطرابات ما بعد الصدمة، ومثاله ما تحدثت به السيدة هبة أبو خوصة بعد إجراء مقابلة معها وبسؤالي لها عن الطفلة راما أبو خوصة (11) سنة والتي فقدت جميع أفراد عائلتها جراء قصف إسرائيلي على منزلهم في مدينة النصيرات جراء حرب الإبادة الأخيرة على قطاع غزة حيث قالت" راما بنت أخي كانت بصحبتي خارج المنزل عندما تم قصف منزلنا الكائن بمخيم النصيرات بتاريخ (3) اكتوبر (2023) قتل الاحتلال الإسرائيلي جميع أفراد عائلة راما بدم بارد وبقيت هي وحيدة، راما تعاني من اضطرابات نفسية جراء الحدث الأليم التي عاشته، حاولت كثيراً أن أخرجها من هذه الحالة ولكن دون جدوى، لا تريد سوى الجلوس بمفردها، أصبحت راما قليلة الكلام ومنعزلة تماماً مما يجعلني شديدة الخوف عليها، وبسؤالي لها أيضاً عن كيفية رعاية راما بعد فقدانها لعائلتها تحديداً والديها قالت أنا من تكفلت برعايتها بعدما فقدت الرعاية بسبب فقدانها لوالديها". 
  3. صعوبة العثور على الأطفال المفقودين: من احدى المخاوف أو الانتهاكات التي تواجه الأطفال غير المصحوبين أو الفاقدين لذويهم صعوبة العثور على هذه الأطفال وذلك بسبب الوضع الصعب الراهن في قطاع غزة والذي خلفه العدوان الإسرائيلي منذ بداية الحرب على قطاع غزة، وهذا سبب لما تقوم مؤسسات أهلية ومنظمات بنشر دليل تعامل في حالة ما وجد طفل فاقد لذويه أو غير مصحوب ويتم ذلك عبر منصات السوشال ميديا أو مراكز الايواء المتواجدة بها النازحين، ومثاله ما قامت به شبكة سند من نشر آليات للتعامل مع الأطفال غير المصحوبين بالإضافة الى نشر أرقام للتواصل في حالة وجد طفل غير مصحوب أو فاقد لذويه. 

ثالثاً: آليات لحماية الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم خلال فترة العدوان الاسرائيلي:

 من أجل الحد من معاناة الأطفال غير المصحوبين بسبب العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وضمان لحصولهم على حقوقهم الأساسية والمحافظة عليها وتطبيقاً للقوانين والاتفاقيات الدولية ينبغي اتخاذ عدد من التدابير، منها:

  • تعزيز آليات البحث والإنقاذ: يجب دعم المنظمات الإنسانية في جهودها للبحث عن الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم، ويتم ذلك عن طريق إبلاغ الجهات المختصة بوجود طفل غير مصحوب او منفصل عن ذويه، ومن أجل تعزيز عمليات البحث والإنقاذ فقد نظمت اليونيسيف دليل ميداني بشأن العمل مع الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم وذلك باتخاذ خطوات للتبليغ عن وجود أطفال غير مصحوبين ومنفصلين عن ذويهم، وفي هذا السياق وبعد مقابلة مع الصحفية سالي ثابت العاملة في قناة الكوفية والتي بدورها قامت بمجهود شخصي بإعادة الطفل طارق محمد أبو جبل صاحب العام والنصف حيث قالت" في اليوم الأول لرجوع النازحين الي شمال القطاع ومن خلال عملي كصحفية لقناة الكوفية توجهت الى منطقة تبة النويري الفاصلة منقطة شمال القطاع عن جنوبه لإجراء مقابلات مع العائدين الى الشمال وتوثيق فرحتهم بالرجوع، ومن بين هذه اللقاءات التقيت بالسيد راسم نبهان سكان مخيم جباليا والذي كان نازحاً في مدرسة الرافعي وبعد أن تم قصف المدرسة التقى بطفل ملقى بجانب أمه التي استشهدت جراء قصف المدرسة فقام بأخذ الطفل والهروب به من القصف ومن ثم النزوح به الى جنوب القطاع، وبعد بحث السيد راسم عن أهل الطفل لم يتوصل الى أحد من ذوي الطفل أو أحد من أسرته وبقى الطفل مع راسم الى حين العودة الى الشمال، قمت أنا بنشر اللقاء مع السيد راسم على منصات السوشال ميديا، وفي اليوم التالي تواصل معي والد الطفل بعد أن تعرف عليه بعد نشر اللقاء وقال اني أنه والد الطفل، وقد قام بالبحث عنه ولم يستطيع ايجاده، _ تكمل سالي حديثها  _ فقمت بالتواصل مع راسم بعد صعوبة التواصل معه مرة أخرى وتوجهت وسلمت الطفل الى والده بعد أخده من السيد راسم"، وهذه احدى الجهود الفردية التي نجحت بإعادة طفل غير مصحوب الى أحد والديه.
  • توفير الرعاية البديلة: احدى أهم البدائل أو المعايير الذي من الضرورة العمل على تطبيقها وتنفيذها على أمر الواقع، وللتخفيف من حدة المعاناة التي يعانيها الأطفال غير المصحوبين أو الفاقدين لذويهم إنشاء دور رعاية بديلة للأطفال غير المصحوبين والأطفال الفاقدين لذوييهم (الأيتام) ومثاله دار الوفاء للأيتام التي تم افتتاحها خلال فترة العدوان على القطاع ،أو ايجاد عائلات بديلة تتولى مهام رعاية وكفالة هذه الأطفال وذلك تطبيقاً لما نصت عليه المواثيق الوطنية والدولية التي نظمت لحماية حقوق الأطفال وتطبيقاً لذلك ما قامت به السيدة سماح شاهين وبعد اجراء مقابلة مع السيدة سماح شاهين (27) عاما وتسكن مدينة خانيونس بعد نزوحها وزوجها من مدينة رفح، وسؤالنا عن الطفلة تالا صاحبة (9) أشهر والتي قامت بتبنيها بعد فقدان تالا لعائلتها بالكامل جراء قصف إسرائيلي غاشم لعائلتها في مكان نزوحهم في رفح بتاريخ (3/12/2024) قالت" تالا ابنة أخي قمت بتبنيها واحتضانها بعدما قام الاحتلال الإسرائيلي بقتل عائلتها بعد قصفهم المباشر في مدينة رفح، بقيت الرضيعة تالا وحيدة بعد فقدانها لوالديها، ليس لدى أطفال وهذا ما شجعني لتبنيها، كنت حزينة جداً جراء الظرف المأساوي التي حصل مع هذه الطفلة، ولكنني عانيت الكثير لتلبية احتياجات الطفلة مثل البامبرز والحليب الخاص بالطفلة لاسيما بعد غلاء الأسعار خلال فترة العدوان على قطاع غزة، تشمل الرعاية البديلة أيضاً ما قامت به قامت به الأمم المتحدة بإنشاء الاتحاد الدولي لقرى الأطفال sos، تطبيقاً لما نصت عليه الاتفاقيات والمواثيق الدولية من وجوب توفير رعاية بديلة خاصة بالأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم .
  • وضع سوار الهوية بأيدي الأطفال خلال فترات النزوح: نوصي الأهالي وفي أوقات الحروب أو النزوح بوضع سوار للأطفال تحمل أسمه وعمره ورقم التواصل مع أحد والديه في حال فقدان هذا الطفل، ومثاله ما قامت به اليونيسف بالتعاون مع حكومة اليابان بتوزيع سوار هوية على الأطفال في مناطق مختلفة من قطاع غزة، حيث قالت في تقرير لها" تقوم العائلات بكتابة اسم الطفل/ة، وتاريخ ميلاده/ها، ورقم هاتف أحد أفراد الأسرة، على السوار للمساعدة في لم الشمل في حالة الانفصال، هذه الأساور مخصصة بشكل أساسي للأطفال البالغة أعمارهم ستة أعوام أو أقل، والذين قد يجدون صعوبة في قول أو تذكر الأسماء أو الأرقام؛ ويمكن للأهل أن يضعوها للأطفال الأكبر سنًا إذا اقتضت الحاجة، نوصي مقدمي الرعاية بمساعدة الأطفال الأكبر سنًا على حفظ المعلومات الضرورية غيباً".

الإطار الثاني: الحماية القانونية للأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم.

شُرعت القوانين المنظمة لحقوق الانسان لتطبيقها على جميع الأشخاص بحيث يتمتعون بها على حد سواء، بحيث نظمتها الإعلانات والمواثيق الدولية ونادت بها المؤسسات الحقوقية، إلا أن هناك قوانين خاصة نظمت لكي تكون مهمتها الرئيسية حماية حقوق وحريات فئات خاصة ومعينة من أفراد المجتمع لاسيما الفئات التي تعتبر فئات هشة غير قادرة على حماية نفسها، ومثاله القوانين والاتفاقيات المنظمة بشكل أساسي لحماية حقوق الأطفال ومن ضمن هذه القوانين كان للأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذوييهم نصيب لا يمكن الاستهانة به، فتنقسم هذه الحماية القانونية الى حماية دولية نظمتها المواثيق الدولية والقسم الثاني الحماية القانونية الوطنية لحقوق الأطفال غير المصحوبين.

أولاً/ الحماية القانونية الوطنية للأطفال غير المصحوبين والفاقدين عن ذويهم: لم يغفل المشرع الفلسطيني حقوق الأطفال فقد نظم قانون الطفل الفلسطيني لسنة (2004) والخاص بحقوق الطفل و ُيعتبر هذا القانون أساسًا لحماية حقوق الأطفال في دولة فلسطين، يتوافق هذا القانون مع اتفاقية حقوق الطفل الدولية التي وقعت عليها فلسطين في عام (1991)، بحيث  يُلزم القانون السلطات الفلسطينية بحماية الأطفال من جميع أشكال الاستغلال والعنف، بما في ذلك حماية الأطفال غير المصحوبين بذويهم في حالات الطوارئ والنزاع كما يضمن للأطفال غير المصحوبين حقهم في الرعاية الصحية والتعليم والإيواء في حالات الانفصال عن أسرهم، وبالنظر لنصوص هذا القانون فقدا كرس العديد من الحقوق الخاصة التي يجب أن يحظى بها الأطفال غير المصحوبين أو الفاقدين لذويهم ومنها المادة (21) والتي نظمت حق الطفل في الاحتفاظ بعلاقات شخصية واتصالات مباشرة مع والديه وبصورة منتظمة إذا ما كان منفصل عن والديه أو إحداهما في حالة كان بالإمكان اتصاله معهم، بالإضافة لذلك فقد نظمت المادة (31) حق الأطفال غير المصحوبين أو الفاقدين لذويهم في المساعدات الاجتماعية سواء أكان الطفل يتيم أو من الأطفال الموجودين في مؤسسات الرعاية الاجتماعية أو الأطفال الذين لا عائل لهم، تتبعها المادة (32) ونظمت حق الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم في الرعاية البديلة وتكون الرعاية البديلة عن طريق 1. أسرة حاضنة (بديلة) تتولى كفالة ورعاية لطفل 2. مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة إذا لم تتوافر أسرة حاضنة للطفل، أما عن الحق في الحماية والتي نظمته المادة (42) حيث نصت على حق الطفل في الحماية من جميع أشكال العنف أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو الإهمال أو التقصير أو التشرد أو غير ذلك من أشكال إساءة المعاملة أو الاستغلال وتطبيقاً للنص فإنه يجب على الدولة توفير هذه الحماية للأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذوييهم تحديداً وذلك لأنهم الفئة الأضعف لعدم وجود من يقوم بحمايتهم من ذوييهم ، بالإضافة لذلك فانه يتوجب على الدولة اتخاذ كافة التدابير لتأمين حماية هذه الأطفال، بالإضافة لذلك فقد صنف القانون الطفل غير المصحوب أو من ضمن الحالات الصعبة التي تهدد سلامة الطفل وصحته البدنية والنفسية وهذا ما نصت عليه المادة (44) من ذات الاتفاقية.

ثانياً/ الحماية القانونية الدولية للأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم: نظمت القوانين والتشريعات الدولية حقوق الأطفال بشكل عام، وتحديداً في حالات النزاعات أو الأزمات الإنسانية فقد كانت الحقوق محمية بموجب عدد من المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تعزز أهم الحقوق الناظمة للأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم، ومن أبرز المواثيق الدولية والاتفاقيات الدولية اتفاقية حقوق الطفل (1989) وتعتبر الوثيقة الأساسية التي تحمي حقوق الأطفال في جميع أنحاء العالم، حيث تشمل الاتفاقية نصوص  خاصة تتعلق بحماية الأطفال غير المصحوبين أو الفاقدين ذويهم، وتقر لهم الحقوق التي يجب أن يتم الحفاظ عليها تحديداً في أوقات النزاعات المسلحة التي تنشأ عنها حركة نزوح داخلي تؤدي على إلى خلق هذه الظاهرة كما سبق وأن ذكرنا، بالإضافة الى البروتوكول الاختياري بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة وإعلان جنيف لحماية الأطفال في النزاعات المسلحة، بالإضافة الى قواعد القانون الدولي الإنساني ، وتشمل أيضاً الحماية الدولية دليل العمل مع الأطفال غير المصحوبين بذويهم في الأزمات الإنسانية الخاص بمنظمة الأمم المتحدة.

الإطار الثالث: حلول وتوصيات.

  • توفير الدعم النفسي المستمر: يجب توفير برامج الدعم النفسي للأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم، وذلك لأنهم يعانون من صدمات نفسية صعبة نتيجة لانفصالهم أو فقدانهم لأسرهم إبان العدوان الإسرائيلي منذ (7) أكتوبر (2023)، وهذا ما أكدته وفي رئيسة لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة "اليونيسيف" آن سكيلتون، إن إسرائيل تنتهك حقوق الأطفال في قطاع غزة بشكل خطير، وعلى مستوى نادر لم يُشاهد مثله في التاريخ الحديث، وأكدت بأنه لا يوجد طفل في غزة خالٍ من الخوف والألم والجوع، ومنهم محظوظين إذا تمكنوا من البقاء على قيد الحياة، في ظل هذه الحرب، مشيرة إلى أن الأطفال في القطاع فقدوا طفولتهم، وأصيبوا بصدمة نفسية وسيعيشون للأبد مع تأثيرها على صحتهم العقلية، عدا عن الأطفال الذين فقدوا أطرافهم، وأهلهم، وأصدقائهم"، وأكدت آن سكيلتون" بضرورة تقديم الدعم النفسي والاجتماعي الكبيرين للأطفال والأسر، للتخفيف من آثار الحرب المؤلمة وطويلة الأمد".
  • التنسيق بين الحكومات والمنظمات الإنسانية لتفعيل آليات حماية: يتطلب هذا الأمر تكاتف الجهود بين الأطراف المحلية والدولية لتأمين حماية وصون حقوق الأطفال الأساسية من التعليم والرعاية الصحة بالإضافة إلى ضرورة ضم شملهم مع أسرهم إذا ما كان بالإمكان وبما يخدم المصلحة الفضلى للطفل وذلك اعمالاً لمادة (10) من اتفاقية حقوق الطفل والتي نصت على ضرورة لم شمل الأسرة بطريقة إيجابية وإنسانية وعاجلة.
  • الضغط الدولي على الاحتلال الإسرائيلي لضرورة الاستمرار في قرار وقف إطلاق النار: من الضروري أن يتم ممارسة الضغط الدولي على الاحتلال الإسرائيلي لضرورة الاستمرار في وقف إطلاق النار واستمرار الهدوء وذلك للحد من تزايد أعداد الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم، بالإضافة الى اجباره على الالتزام وتطبيق القوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بحماية الأطفال أثناء فترة الحروب والنزاعات المسلحة، ووقف الاحتلال سياسية التهجير والقتل والتشريد التي يتبعها والتي أدت الى زيادة مخيفة بعدد الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم.
  • تعاون المؤسسات الأهلية مع المنظمات الدولية: تحت ظل العدوان الإسرائيلي وسياساته الهمجية المتبعة والتي تأثر على الأطفال تحديداً يجب تعمل المؤسسات الأهلية بالتعاون مع المنظمات الدولية مثل اليونيسف والصليب الأحمر الدولي لتنفيذ برامج تهدف إلى حماية الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم أثناء النزاعات وفي هذا المقام يجب ذكر دور المؤسسات الدولية والذي لا يمكن الاستهانة به من أجل تقديمها الرعاية والخدمات في مجالات مثل الرعاية الصحية، والتعليم تحديداً، وإعادة الاتصال بالأسر ما كان بالإمكان ذلك وبما يخدم مصلحة الطفل الفضلى، من خلال آليات التنسيق مع السلطات الفلسطينية، وفي هذا السياق أيضاً  يجب أن تمارس هذه المنظمات دور وقائي بدايةً بأن تبذل أقصى جهودها لمنع فصل الأبناء عن والديهم أو من يتولى رعايتهم للحد من تزايد أعداد هذه الفئة من الأطفال.

الخاتمة

مما لا شك فيه أن العدوان الإسرائيلي وما خلفه من جرائم وانتهاكات وقعت على الأطفال بشكل عام وعلى الأطفال غير المصحوبين والفاقدين لذويهم بشكل خاص، يتنافى كلياً مع القوانين والمواثيق الدولية وهي جرائم حرب مكتملة الأركان وخروقات وانتهاكات واضحة وصارخة للقانون الدولي الإنساني لا سيما اعلان حقوق الطفل واتفاقية حقوق الطفل.

وكان نتيجة لذلك أن تواجه الأطفال غير المصحوبين تحديات ومخاطر كبيرة، ومثاله تعرضهم للاستغلال والعنف فضلاً عن صعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم، وفي إطار ذلك تسعى المنظمات الإنسانية إلى تقديم الدعم اللازم والحالي للأطفال بكل الطرق الممكنة والمتاحة، ولكن الوضع في قطاع غزة كارثي بسبب ما خلفه العدوان الإسرائيلي على نحو يعيق جهود المنظمات الإنسانية. 

فيما تستمر الجهود الدولية بواسطة المنظمات الدولية الفاعلة والمحلية بواسطة المؤسسات الأهلية بالإضافة الى بعض الجهود الفردية من الأشخاص كما ذكرنا لتوفير الحماية والرعاية للأطفال المتضررين، مع التركيز على لم شملهم مع عائلاتهم إذا أمكن أو من خلال انشاء دور رعاية خاصة بهم أو التبني والكفالة للأطفال الفاقدين لذويهم بالإضافة الى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم.

ولكن الواقع الحالي يكشف أن الجهود الدولية والمحلية لم تكن كافية لمواجهة الانتهاكات التي يواجهها الأطفال غير المصحوبين في قطاع غزة، خاصة مع تزايد وتيرة أعدادهم.

  ايناس ايهاب أبودلال

  محامية وناشطة حقوقية مهتمة بقضايا الأطفال والأشخاص ذوي الاعاقة